[Company Logo Image]

آيات من سورة الكهف

 

غزوة الأحزاب

نحن اليوم مع درس من دروس المصطفى صلى الله عليه وسلم

إنه درسٌ من دروس الجهاد، الصبر، الإيمان، السياسة الذكاء والحنكة.

  لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِى رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الاْخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً

 

الأحزاب هم: قريشٌ العدو اللدود المناوئ لدعوة النبي صلى الله عليه وسلم،

 

 المحزِبون،هم أصحاب هذه المكيدة العظيمة في التاريخ،إنهم اليهود


 بداية القصة

 لما أجلى النبي صلى الله عليه وسلم بني النضير إلى خيبر، رأوا أن يثأروا لما أصابهم من الذل والهوان وينتقموا من الرسول صلى الله عليه وسلم والمؤمنين، فخرجوا إلى مكة لتأليب قريش،

واكمالا لغشهم قالوا لقريش الذين كانوا يؤمنون ويصدقون بما لدى اليهود:

وفي هذا نزل قول الله تعالى من سورة النساء أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيباً مّنَ ٱلْكِتَـٰبِ يُؤْمِنُونَ بِٱلْجِبْتِ وَٱلطَّـٰغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ هَـؤُلاء أَهْدَىٰ مِنَ ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ سَبِيلاً أُوْلَـئِكَ ٱلَّذِينَ لَعَنَهُمُ ٱللَّهُ وَمَن يَلْعَنِ ٱللَّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ نَصِيراً

فخرجت قريش بقيادة أبي سفيان بن حرب

حال المسلمين مع قائدهم العظيم صلى الله عليه وسلم.

عدد قليل، ونساء وأطفال، وظروف اقتصادية سيئة، لايجد فيها سيدهم صلى الله عليه وسلم ما يسد حاجته بل يكشف أحدهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم عن بطنه، فإذا هو مربوط عليه حجرمن الجوع، فيكشف النبي صلى الله عليه وسلم عن حجرين على بطنه،

بلغت الأخبار للنبي صلى الله عليه وسلم أن الأعداء قادمون قبل أن يصلوا فشاور أصحابه، فاقترح سلمان الفارسي رضي الله عنه فكرةً لم تعرفها العرب اقترح حفر الخندق حول جبل سلع، تكون ظهور المسلمين إلى جبل سلع ووجوههم إلى الخندق، فيمنعون كل مقتحم للخندق يريد الوصول إليهم، وأن يوضع النساء والأطفال في حصون المدينة وآطامها، فحفروا الخندق.

ولاتسل أخي عن تلك الروح الطيبة التي تجلت في اجتهاد الصحابة وهم يحفرون الخندق ومعهم رسول الله صلى الله عليه وسلم يشجعهم، وينقل معهم التراب حتى علا جلده الطاهر،

وكان يرى عليهم أثر التعب فيقول صلى الله عليه وسلم:

((اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة      فاغفر للأنصار والمهاجرة)).

فيقولون مجيبين له:

نحن الذين بايعوا محمدا                 على الجهاد ما بقينا أبدا

وكان صلى الله عليه وسلم ينقل معهم التراب ويردد قول عبدالله بن رواحة:

والله لولا الله ما اهتدينا                 ولا تصدقنا ولاصلينا

فأنزلن سكينـة علينـا                وثبت الأقدام إن لاقينا

إن الألى قد بغوا علينا                  إذا أرادوا فتنـة أبينا

ومع هذه الأحوال المادية الصعبة للنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم أجمعين تعترض لهم صخرة في الخندق ،ولنترك الحديث للبراء رضي الله عنه يقول: لما كان يوم الخندق عرضت لنا في بعض الخندق صخرة لاتأخذ منها المعاول، فاشتكينا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاء وأخذ المعول فقال: بسم الله ثم ضرب ضربة، وقال: الله أكبر، أعطيت مفاتيح الشام، والله إني لأنظر قصورها الحمر الساعة، ثم ضرب الثانية فقطع آخر، فقال: الله أكبر، أعطيت فارس، والله إني لأبصر قصر المدائن الأبيض الآن، ثم ضرب الثالثة، فقال: بسم الله فقطع بقية الحجر، فقال: الله أكبر، أعطيت مفاتح اليمن، والله إني لأبصر أبواب صنعاء من مكاني.

الله أكبر، مربوطٌ على بطنه الحجرين وبطون أصحابه ولا يجدون ما يسد حاجتهم من الطعام ويوعدون بهذه الوعود ويصدقه المؤمنون، إنه الايمان الذي يتجاوز حواجب الغيب فيجعلها كأنها شهادة.

 

 وأما المنافقون فيقولون: مَّا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلاَّ غُرُوراً

كان المؤمنون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يعملون بجد ونشاط وهمة عالية، وإذا عرضت لأحدهم حاجة ضرورية استئذن من النبي صلى الله عليه وسلم ثم سرعان ما يعود إذا ما انتهى منها.

 أما المنافقون فكانوا يورِّي أحدهم بقليل من العمل ثم يذهب إلى أهله بدون إذن ولا استئذان في خفاء فأنزل الله تعالى فيهم قوله: قَدْ يَعْلَمُ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنكُمْ لِوَاذاً فَلْيَحْذَرِ ٱلَّذِينَ يُخَـٰلِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ

وفي هذه الأثناء يصل الخبر للنبي صلى الله عليه وسلم نقض بني قريظة للعهد.

جبهة جديدة تفتح على المجاهدين.

والجبهات متعددة.- مشركون متحالفون،  - ومنافقون من الداخل،- ويهود من الجوانب

وصف الله تعالى في كتابه إذ قال من سورة الأحزاب: إِذْ جَاءوكُمْ مّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْوَإِذْ زَاغَتِ ٱلاْبْصَـٰرُ وَبَلَغَتِ ٱلْقُلُوبُ ٱلْحَنَاجِرَ [الأحزاب:10]. أي من شدة الخوف وَتَظُنُّونَ بِٱللَّهِ ٱلظُّنُونَاْ [الاحزاب:10]. أي المختلفة، وهذه حال المنافقين وضعفة الايمان.

أما المؤمنون الصادقون فهم كما قال الله تعالى فيهم: هُنَالِكَ ٱبْتُلِىَ ٱلْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُواْ زِلْزَالاً شَدِيداً وَإِذْ يَقُولُ ٱلْمُنَـٰفِقُونَ وَٱلَّذِينَ فِى قُلُوبِهِم مَّرَضٌ مَّا وَعَدَنَا ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلاَّ غُرُوراً [الأحزاب:11، 12].

رأى النبي صلى الله عليه وسلم أن يخفف عن أصحابه رحمة بهم.

فبعث إلى قائدي غطفان يعرض عليهما صلحاً، وهو أن يعطيهم ثلث ثمار المدينة على أن يرجعوا بمن معهم من قومهم، وتم الصلح ثم استشار النبي صلى الله عليه وسلم السعدين، سعد بن معاذ، وسعد بن عبادة، فقالا له: يارسول الله أمراً تحبه فتصنعه، أم شيئاً أمرك الله به لابد لنا من العمل به، أم شيئا تصنعه لنا؟ قال: ((بل شيء أصنعه لكم، والله ما أصنع ذلك إلا لأني رأيت العرب قد رمتكم عن قوس واحدة وكالبوكم من كل جانب..)).

 فقال سعد بن معاذ: يارسول الله قد كنا نحن وهؤلاء القوم على الشرك بالله، وعبادة الأوثان لا نعبد الله ولا نعرفه وهم لا يطمعون أن يأكلوا منها تمرة إلا قرىً أو بيعاً، أفحين أكرمنا الله بالاسلام وهدانا له وأعزنا بك وبه نعطيهم أموالنا؟ والله ما لنا بهذا حاجة، والله العظيم لانعطيهم إلا السيف حتى يحكم الله بيننا وبينهم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((فأنت وذاك)).

وحدثت المناوشات، وحصلت المعركة وفزع النبي صلى الله عليه وسلم إلى ربه يدعوه ويسأله النصر له والهزيمة لأعدائه فقال: ((اللهم منزل الكتاب، سريع الحساب ،اهزم الأحزاب، اللهم اهزمهم وزلزلهم

 
قصة حذيفة

قال دعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم يكن بد من القيام حين دعاني فقال: ((يا حذيفة اذهب فادخل في القوم فانظر ما يصنعون ولا تُحدثن شيئاً حتى تأتينا)). قال: فذهبت فدخلت في القوم، والريح وجنود الله (الملائكة) تفعل بهم ما تفعل، لاتقر لهم ناراً، ولاقدراً، ولابناء، فقام أبو سفيان فقال: يا معشر قريش لينظر امرؤ جليسه؟ قال: حذيفة، فأخذت بيد الرجل الذي إلى جنبي، فقلت: من أنت؟ قال: فلان بن فلان، ثم قام أبو سفيان فقال: يا معشر قريش إنكم والله ما أصبحتم بدار مقام، لقد هلك الكراع والخف، وأخلفتنا بنو قريظة وبلغنا عنهم ما نكره، ولقينا من شدة الريح ما ترون، ما تطمئن لنا قدر ولا تقوم لنا نار، ولا يستمسك لنا بناء، فارتحلوا إني مرتحل، ثم قام إلى جمله وهو معقول، فجلس عليه ثم ضربه، فوثب به على ثلاث، فو الله ما أطلق عقاله إلا وهو قائم، ولولا عهد الله رسول لله صلى الله عليه وسلم إليَّ: ((لاتحدثن شيئا حتى تأتيني)) ثم شئت لقتلته بسهم، فرجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو قائم يصلي في مرط لبعض نسائه، فلما رآني أدخلني وطرح علي طرف المرط، ثم ركع وسجد وإني لفيه، فلما سلم أخبرته الخبر). وهنا قال الحبيب صلى الله عليه وسلم: ((الآن نغزوهم ولا يغزونا)) وحقاً لم تغز بعدها قريش النبي صلى الله عليه وسلم حتى غزاهم في عقر دارهم، ودخل مكة عليهم. ولما أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك الليلة عاد إلى المدينة وعاد أصحابه، والحمد لله، على النصر المبين لعباده المؤمنين.